مع زيادة توسع الاقتصاد العالمي بشكل كبير خلال القرن العشرين، ازدادت أيضاً معه مستويات الفساد، فمن الصعب تقدير حجم ومدى الفساد الذي يحدث على مستوى العالم لأن مثل هذه الأنشطة تتم سراً.
يقدّر البنك الدولي أن الرشوة الدولية تتجاوز 1.5 تريليون دولار سنوياً، أو 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر بعشر مرات من إجمالي أموال المساعدات العالمية، وهنالك تقديرات أخرى تقدّر وصول الفساد إلى 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
فإذا لم يؤثر هذا عليك شخصيا فقد يكون أثر على أقربائك أو على الأقل شخص تعرفه .
ما هو الفساد ؟
الفساد هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق أرباح خاصة ويشتمل ذلك بوضوح على جميع أنواع رشاوى المسؤولين المحليين أو الوطنيين أو السياسيين ولكنه يستبعد الرشاوى التي تحدث فيما بين القطاع الخاص، إلا أن لمصطلح الفساد معان عديدة، و في أوسع الصور يمكن القول بأن الفساد يتمثل في سوء استخدام المنصب لغايات شخصية، و يشمل ذلك الرشوة و الابتزاز، و في هذه الحالة يدخل في العملية طرفان أو أكثر.
و قد يكون الفساد فرديا في حالة الأعمال المحظورة التي يستطيع المسؤول الرسمي القيام بها بمفرده، و من بينها الاحتيال، الاختلاس و المحسوبية واستغلال النفوذ ... الخ. وعليه فإن الفساد يشمل من حيث مظهره عدة أنواع منها السياسي و المالي و الإداري .
تأثير الفساد ؟
يؤثر الفساد على الجميع خاصة قليلو الدخل و السكان الضعفاء و يعد الفساد هدرا للموارد التي تتسم بالندرة، و بالخصوص في البلدان النامية. و من المنظار التنموي، يعطل الفساد فرص التراكم الاستثماري المنتج في الأصول البشرية و المادية و يقوي من قيم و سلوك الربح السريع.
باعتبار ظاهرة الفساد أكبر عقبة أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإنها تضر بالمجتمعات من خلال :
- هدم الديمقراطية و تقويض حقوق الإنسان و هذا من خلال إضعاف الحكومات .
- تحويل الأموال من الخدمات العامة و الضرورية مثل الرعاية الصحية والتعليم والصرف الصحي.
- لا يشجع الفساد الاستثمار الأجنبي، و هذا يحرم الكثير من الراغبين بالعمل و لا يعطي عدد كافي من الوظائف.
كل هذه النقاط السلبية ليست فقط السبب الوحيد الذي يجعلك تشعر بالقلق، بالرغم من كل هذا يحول المسؤولون الفاسدون الأموال من الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم إلى المشاريع التي من شأنها أن تملأ جيوبهم.
إن مسألة مكافحة الفساد ليست بالمسألة الهيئة التي يمكن القيام بها بسهولة و بسرعة، بل إنها تتطلب عملا كبيرا و لا يمكن تحقيق نتائج فورية بل يجب وضع استراتيجية طويلة المدى تسمح بمواجهة نظامية متدرجة لهذا المشكل و يجب أن تحظى بدعم السلطات العمومية و القطاع الخاص و عموم المواطنين .
هنالك دول عديدة بها قوانين مكافحة الفساد، ولكن هذه الأخيرة قد لا تمتلك الموارد اللازمة لمراقبة تلك القوانين و تنفيدها بحوافيرها. تستطيع هنا اليوم أن تقدم يد المساعدة من خلال ما سنفيدك به .
يمكنك أن تحدث تغييرا
في معضم الحالات يكون الأشخاص الأقوياء هم من يستفيدون من الرشاوي أو هم الذين يبرمون صفقات مشبوهة و هذا يقلل من عزيمة و حماس المواطنين الشرفاء الذين لديهم مصادر دخل قليلة، ولكن بوجود التكنولوجيات الحديثة فإنك لن تحتاج إلى الكثير من الجهد أو القوة أو المال لمحاربة هذا الفساد . عل سبيل المثال كما فعل زوجان بالهند حيث قاموا بإنشاء موقع إلكتروني لمحاربة الفساد، حيث يمكن للناس الإبلاغ عن حالات طلب فيها منهم التعامل بالرشوة .
إن منظمة " الشفافية الدولية " تقترح هذه الأفكار في برنامجها المسطر لمحاربة الفساد :
- إنشاء لجنة لعد و مراقبة المستلزمات العامة، مثل العتاد المدرسي و الكتب، الأدوية و الصفقات المتعاقد عليها .
- تنسيق و تنظيم فعاليات و أحداث رياضية يمكن للمجتمع المشاركة فيها للتوعية بالفساد.
- إنشاء إلتماسات و تقديمها إلى الجهات المعنية - أصحاب القرار .
- الفضح العلني لممارسات الفساد في مجال الصفقات العمومية.
في وقتنا هذا و بفضل التكنولوجيا الحديثة فإنك لن تحتاج إلى الكثير من المال أو القوة لتسليط الضوء و الكشف و المشاركة في الحد من الفساد. فمثلا يمكنك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و مواقع الإنترنت، للحصول على تقارير جماعية تفصيلية عن الفساد، و هذا حتى بدون الإفصاح عن هويتك.
يمكن أيضا أن تساعدك تطبيقات الويب والهواتف المحمولة المتعلقة بالانفاق الحكومي و الإحصائيات العامة على فهم الكثير من الأمور، بما في ذلك الأجور التي يتقاضاه المسؤولون ...
يمكن استخدام هذه الأنواع من البيانات في المشاركة في محاسبة المسؤولين الفاسدين فلربما من هنا تبدأ في التغيير و الإصلاح .
تقدم منظمة "الشفافية الدولية" المزيد من الأفكار البسيطة و التي تمكنك من إحداث إختلاف في مجتمعك.
و أخيرا 9 ديسمبر هو اليوم العالمي لمكافحة الفساد. قل "لا" للفساد شارك و كافح و تعلم المزيد مما تستطيع من أجل أن تدعم الشفافية.