معنى العشور
العشور مفردها عشر و لكن له دلالة أخرى أما العشور -" الضرائب الجمركية" في يومنا هذا .
وهي ضريبة تجارية في الدولة العربية الاسلامية يخضع لها الذميين والمستأمنين إذا مروا بديار المسلمين ولا تؤخذ العشور من المسلم لما روى أبو داود عن حرب بن عبيد الله الثقفي عن جده - أبي أمه . عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ليس على المسلمين عشور إنما العشور على اليهود والنصاری " ويعتبر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو أول من فرض العشور على أهل الذمة حيث لم تكن هذه الضريبة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا على عهد أبي بكر رضي الله عنه بل ورد النهي عن أخذها لأن التعشير كان معروفة في الجاهلية ولذلك نهى عنه الرسول صلى الله عليه و سلم حيث قال: " لا يدخل الجنة صاحب مكس ".
والأصل الذي دفع أمير المؤمنين إلى فرض هذه الضريبة ما رواه أبو يوسف من أن أهل منبج - قوم من أهل الحرب - كتبوا إلى عمر بن الخطاب : ( دعنا ندخل أرضك تجارة وتعشرنا ) . قال فشاور عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك فأشاروا عليه به فكانوا أول من عشر من أهل الحرب.
وفي رواية أخرى كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب أن تجارا من قبلنا من المسلمين يأتون أرض الحرب فيأخذون منهم العشر قال : فكتب إليه عمر خذ أنت منهم كما يأخذون من تجار المسلمين وخذ من أهل الذمة نصف العشر ومن المسلمين من كل أربعين درهما درهما وليس فيما دون المائتين شيء فإذا كانت مائتين ففيها خمسة دراهم وما زاد فبحسابه وقد اشترط جمهور الفقهاء لوجوب هذه الضريبة في مال الذمي أن يبلغ نصاب زكاة بدليل الحديث السابق . أما مالك فلا يشترط النصاب لوجوب هذه الضريبة .
كيفية تقدير العشور
وهو يشير إلى الأساس الذي يتم عليه تحديد سعر هذه الضريبة والواضح من الأحاديث السابقة أن ذلك مبني على المعاملة بالمثل كما أشار إلى ذلك حديث أبي موسى الأشعري ، أو لمصلحة المسلمين وقد أشار إلى ذلك أبو عبيد حيث ذكر أنه يجوز أن يؤخذ منهم أكثر من العشر أو أقل فقد ورد أن عمر كان يأخذ من النبط من الزيت والحنطة نصف العشر لكي يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر ، لأن الحاجة لم تكن إليها شديدة وليست من الضروريات وهذا ينطبق على أصناف التجارات التي تخضع لما يحقق مصلحة المسلمين فلا يسمح بدخول أو خروج ما يضر دخوله أو خروجه بالمسلمين فإن هذه الضريبة يحكمها مبدآن هما:
- 1) تحقيق مصلحة المجتمع .
- 2) المعاملة بالمثل .
فإذا كانت هناك معاهدات تحكم التجارة الخارجية بين المسلمين وغيرهم يتم مراعاة هذه المعاهدات ، ويتم معاملة التجار الأجانب بمثل ما يعاملون به تجار المسلمين ، تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل ما لم يتعارض ذاتی مصلحة المجتمع ، فإذا تعارض روعيت مصلحة المجتمع ، وقدمت على مبدأ المعاملة بالمثل لأن المفروض في المعاهدات أن تحقق مصلحة المجتمع .
تنظيم ضريبة العشور
الواضح مما ذكر أن الفاروق قد حدد ضريبة العشور بنصف العشر على الذمي والعشر على المستأمن ، ولكن لم يحدد الحد الأدنى من المال الذي يخضع إلى هذه الضريبة وكذلك المدة التي تؤخذ فيها . أما مسألة الحد الأدنى فقد تم إيضاحها وبيان آراء الفقهاء ، يبقى تحديد المدة التي تؤخذ عنها هذه الضريبة عن زياد بن حدير أن أباه كان يأخذ من نصراني في كل سنة مرتين ، فأتي عمر بن الخطاب ، فقال يا أمير المؤمنين ، إن عاملك يأخذ مني العشر في السنة مرتين ، فقال عمر ليس ذلك له ، إنما له في كل سنة مرة . ثم أتاه فقال : أنا الشيخ النصراني ، فقال عمر وأنا الشيخ الحنيف قد كتبت لك في ما قبل .
ولكن هذا الحكم يتعلق بالمال إذا مر به التاجر مرتين على العاشر ، لكن إذا تغير هذا المال فمن حق العاشر إن يفرض عليه الضريبة مرة أخرى وقد أشار إلى ذلك أبو عبيد فقال : أنه إذا كان المال الثاني هو الذي مر به بعينه في المرة الأولى لم يأخذ منه في تلك السنة ، ولا من ربحه أكثر من مرة لأن الحق الذي لزمة قضاه فلا يقضي حق واحد من مال واحد مرتين ، وإن كان مر بمال سواه أخذ منه مرة أخرى .
وإن جدد ذلك في كل عام مرارا إذا كان قد عاد إلى بلاده ، إذ أنه ليس أحسن حالا من المسلم ألا ترى أنه لو مر بمال لم تؤد زكاته أخذت منه الصدقة ، ثم إن مر بمال آخر في عامه ذلك لم تكن أخذت منه الزكاة أنه يؤخذ منه من ماله هذا أيضا ؟ لأن الصدقة الأولى لا تكون قاضية عن المال الأخر إذن فالسنة ليست شرطا لأخذ هذه الضريبة إلا إذا كان نفس المال ، أما إذا كان مال آخر فإنه تفرض عليه الضريبة وإن مر به نفس التاجر مرارا .