لماذا يشعر الناس بالوقت بشكل مختلف؟
من أشهر ما يقال "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك". فلماذا يتسارع الوقت للناس بشكل مختلف؟ وهل يمكن أن يكون للتقدم في السن علاقة في الاحساس المختلف بالزمن؟ هل نستطيع إبطاء الزمن، أو تغيير الإحساس به؟ كل هذه التفاصيل في الموضوع التالي."يااا ! .. كيف مر الوقت سريعا"، عبارة مألوفة تتداولها الألسن، خاصة عندما نشعر بمرور الوقت دون أن تمكن من مجاراته، بيد أن آخرين يشعرون بالزمن بشكل مختلف، فيكون الملل أو تباطؤ الزمن لديهم هو الإحساس المسيطر على شعورهم بمرور الوقت وتسارعه. وبينما تمر ساعات الانتظار ببطء شديد، تمر أيام العطلات بسرعة، فما السبب لذلك .
حاول كتاب "صنع الوقت" للمؤلف البريطاني ستيف تايلور الاجابة عن سر تسارع أو تباطؤ الزمن لدى الناس، ولماذا يملك الناس تصورات مختلفة عن الوقت، وكيف يؤثر ذلك على احساسهم المختلف بالوقت.
يوجد لدى كل إنسان شعور داخلي بمرور الوقت، ويختلف هذا الشعور من شخص إلى آخر، كما أنه يعتمد على الحالة النفسية للإنسان. فعلى سبيل المثال ينقضي الوقت بسرعة بالنسبة للإنسان إذا ما كان غارقا في العمل، بينما يمضي متثاقلا في حالة الملل أو الشعور بالألم، لذلك يلعب العامل النفسي المزعوم دورا مهما في الإحساس بالوقت وفي تعاملنا معه بشكل مختلف.
اقرأ أيضا: أكثر الدول العربية شراء للسيارات هذا العام
التقدم بالعمر وعلاقته بتسارع الزمن
بالنسبة للأطفال، يستغرق العام وقتا أبديا طويلا، في حين يشكل هذا العام لمحة سريعة في سن الشيخوخة، وبحسب الموقع الإلكتروني الألماني SWR-wissen والذي يعني بالمواضيع العلمية، فقد تم توثيق هذه الظاهرة، كما أنه يمكن تفسيرها بشكل علمي.
من الناحية النظرية الوقت حقيقة ثابتة، فالدقية هي نفسها للكبير أو الصغير، بيد أن الإحساس المختلف بها يرجع إلى العديد من العوامل. وأرجح بعض العلماء يرجعون هذا الأمر إلى عملية حسابية يبتكرها عقل الإنسان معتمداً على الفترة التي عاشها من حياته، فالعام الواحد يمثل ثلث الحياة بالنسبة لطفل في الثالثة من عمره، في حين تمثل هذه السنة جزءا بسيطا من حياة عجوز في التسعين من عمره، ما يعنى أن إدراك عقل الإنسان لمرور الزمن مسألة تتناسب بشكل طردي مع عمره.
في أعوام حياة الإنسان الثلاثين الأولى، تحدث له الكثير من الأمور، فهو يذهب إلى المدرسة، والجامعة، ويبحث عن عمل، ويلتقي بالأصدقاء، ويبدأ بالتعرف على الجنس الآخر، ويكتشف ويطور ميوله ومواهبه. في فترة التقدم في العمر أو الشيخوخة فإن المتغيرات التي تحدث للإنسان نفسه أقل بكثير مما هو في السابق، ويعتبر التكرار والروتين هي السمة الغالبة. لذلك يقول الخبراء أنه كلما انشغل الدماغ بمعلومات أكثر وبشكل مكثف يمر الوقت بشكل أبطأ بالنسبة له، بينما قد يحدث الانشغال بالأمور الروتينية. فكلما زادت المعلومات الجديدة التي نأخذها، يمر الوقت بشكل أبطأ وهذا الأمر يفسر الاحساس المختلف بالزمن بين الأطفال والبالغين.
القدرة على إبطاء الوقت
بحسب الكاتب تايلر فإن المرة الأولى التي نشهد فيها شيئًا ما يكون مكثفًا. بعد ذلك يبدو الامر مألوفا بالنسبة لنا. وفي حين يواجه الأطفال العديد من الأشياء للمرة الأولى، فإن البالغين على دراية بمعظمه. لذلك يسوق الخبراء نصائح من أجل إبطاء الزمن أو على الأقل وقف الشعور بتسارعه:
صنع تجارب جديدة: هوايات مختلفة، تجارب لم تعشها بالسابق، السفر إلى أماكن جديدة. فكلما زاد عدد الذكريات عن أمر ما أو تجربة جديدة أو رجلة جديدة فإننا نشعر أنها كانت أطول من غيرها.
لا تنفق الكثير من الوقت على الاستهلاك السلبي: تضييع الوقت بما هو غير مفيد، مثل تصفح الهاتف المحمول، لعب الورق، التلفاز، وغيرها من الأمور التي تساهم في تضييع الوقت، ثم تتفاجأ بعدها كيف مرت الساعات دون أن تشعر بها.
عدم الانشغال بالماضي، والذكريات الرتيبة، هذه الأمور كلها مر بها المخ سابقا، وهي تعتبر تضييعا للوقت بالنسبة له، من المهم إذا التركيز على الحاضر، وليس الماضي أو المستقبل الذ يعيش فقط في خيالنا.
البشر لديهم علاقة متقطعة بالساعة، الوقت يمر بسرعة عندما نستمتع، وإنها تطول عندما نشعر بالملل. في بعض الأحيان يكون في صالحنا، وفي أحيان أخرى يكون السباق ضدنا، بحسب الدكتورة أميرة حبراير الخبيرة النفسية، فإن الفجوة بين كيفية مرور الوقت وكيف نشعر به قد أشركت علماء النفس بعلماء الفيزياء أكثر من 150 عاماً؛ حيث وضع الرواد في علم النفس الفيزيائي، مثل جوستاف ثيودور فيشنر وإرنست هاينريش ويبر، الأسس لهذا النوع من البحث في القرن التاسع عشر في أثناء استكشافهم لتعقيدات الإدراك البشري، الذي تقدم سريعاً في القرن الحادي والعشرين، ودراسة إدراك الوقت بمنزلة سمة مميزة للبحث التكاملي، وخلط اللغويات، وعلم الأعصاب، وعلم النفس المعرفي، وبحوث الانتباه لاستكشاف الطرق التي يشعر بها الناس بالدقائق والساعات.
ضابط الوقت الداخلي
على مدى عقود، وضع العلماء تصوراً للوقت وفقاً للنماذج النظرية التي افترضت أساساً ساعة توقيت بيولوجية في الدماغ، التي تتباطأ وتتسارع بما يتماشى مع الانتباه والإثارة. في الآونة الأخيرة، كان الباحثون يبحثون عن مناطق الدماغ الدقيقة المسؤولة عن ضبط الوقت الداخلي. باستخدام تقنيات أحدث مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، استنتج علماء، مثل زميل APS Warren H. Meck من جامعة ديوك؛ أن شبكة كبيرة من المناطق العصبية، وليس مجرد بنية دماغية واحدة، هي أساس معالجة الوقت.
وفي خضم تركيز علم الأعصاب على إدراك الوقت، يواصل العلماء إدراك الدور الأساسي الذي تلعبه السعادة والحزن والخوف والعواطف الأخرى في الطريقة التي نشعر بها بمرور الثواني والدقائق.
اقرأ أيضا: حقائق عن النشوة الجنسية
حدد زميل APS James McKeen Cattell Mihaly Csikszentmihalyi من جامعة كليرمونت للدراسات العليا لأول مرة الطريقة التي يمكن أن تؤثر بها التجارب الممتعة في تركيزنا على الوقت، خيث اشتُهر «Csikszentmihalyi» بصياغة مصطلح «التدفق» لوصف تجربة الانغماس في السعادة في نشاط ما -سواء أكان ذلك ألعاباً رياضية أو عملاً أو مشروعاً إبداعياً- بحيث يتم استبعاد جميع المشتتات. السمة الرئيسية لتجربة التدفق هي الإحساس المشوه بالوقت -عادة الشعور بأن الوقت قد مر أسرع من المعتاد.
قد يجعل الحصول على فرصة الفوز بمكافأة الثواني أو الدقائق تبدو مطولة، لكن الرغبة قد يكون لها تأثير مختلف إلى حد ما، ووفقاً لدراسة أُجريت عام 2012 في جامعة ألاباما.